والفرقة تقع في الأمة حينما تتعدد المناهج وتتعدد الطرق لذلك بين الله عز وجل لهم أن طريق الحق واحد وأن السبيل إلى الاجتماع واحد وهو السير على الصراط المستقيم أما إن أبو ذلك فإن السبل ستتخطفهم ويتشعبوا في الضلالات والبدع وواقع الأمة الآن شاهد على ذلك. يقول الإمام إسماعيل بن كثير رحمه الله: قوله تعالى: فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ [الأنعام:153] قال: إنما وحد سبيله لأن الحق واحد ولهذا جمع السبل لتفرقها وتشعبها (?) وهذه السبل بين معناها عبدالله بن عباس ترجمان القرآن رضي الله عنه فقال: لا تتبعوا الضلالات (?) وفي الحديث عن عبدالله بن مسعود قال: ((خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما خطاً، ثم قال: هذا سبيل الله، ثم خط خطوطا عن يمينه وخطوطا عن يساره ثم قال: هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليها"ثم قرأ هذه الآية)) (?) ويفسر عبدالله بن مسعود رضي الله عنه هذا الحديث وذلك أن رجلا قال لابن مسعود: ما الصراط المستقيم؟ قال تركنا محمد صلى الله عليه وسلم في أدناه وطرفه في الجنة وعن يمينه جواد وعن يساره جواد وثمّ رجال يدعون من مر بهم فمن أخذ في تلك الجواد انتهت به إلى النار ومن أخذ على الصراط المستقيم انتهى به إلى الجنة ثم قرأ ابن مسعود: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام:153] (?).وفي حديث النواس بن سمعان الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ضرب الله مثلا صراطا مستقيما وعلى جنبتي الصراط سوران بينهما أبواب مفتحة وعلى الأبواب ستور مرخاة وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعا ولا تتفرقوا، وداع يدعو فوق الصراط، فإذا أراد إنسان فتح شيء من تلك الأبواب قال له: ويحك لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه, فالصراط: الإسلام, والستور: حدود الله، والأبواب: محارم الله، والداعي على رأس الصراط: كتاب الله تعالى والداعي من فوق الصراط: واعظ الله في قلب كل مسلم)) (?)
فانظر رعاك الله أيها المسلم كيف أمرنا الله عز وجل بسلوك هذا الصراط المستقيم والدخول فيه والاجتماع عليه إذ لا يحيد عنه إلا مفارق لهؤلاء المجتمعين عليه من المسلمين فقال: يا أيها الناس ادخلوا الصراط المستقيم جميعا ولا تفرقوا.
نعم جميعا ولا شيء يجمع المسلمين بحق غير الإسلام الانقياد للإسلام والعمل بشرائعه كلها وتطبيق أحكامه على مناحي الحياة وعلى الأفراد سواسية ...
فدين الإسلام لا يقبل التجزئة وما حلت النكبات بالأمة وابتلوا وعذبوا بالفرقة إلا لما شابهوا أهل الكتاب في الإيمان ببعض الكتاب وترك البعض.
¤موقف الصحابة من الفرقة والفرق لأسماء السويلم - ص121 - 127