والصحيح في هذا كله أنه لا يدخل في الإسلام إلا من أقر به ظاهراً وباطناً، والتزم بالإيمان بالشريعة الإسلامية، ثم إذا كان له بعض البدع فإنه ينزل من الإسلام حسب قربه أو بعده عنه، ويعامل على هذا الأساس، ويحترز من تكفير شخص بعينه إلا إذا ظهر كفره من قوله أو فعله أو اعتقاده بعد إقامة الحجة عليه. طريقة بيان الفرق وتعدادها طريقة لا تخلو من التكلف، لأن الأمة لم تنته عند تاريخ كتابة مصنف معين, ومن المصنفين للفِرق الذين حاولوا تعدادها: ابن الجوزي الذي قسم الفرق إلى ستة أصول تندرج تحتها الفروع فقال: فإن قيل وهل هذه الفرق معروفة؟ فالجواب: إنا نعرف الافتراق وأصول الفرق، وأن كل طائفة من الفرق قد انقسمت إلى فرق، وإن لم نحط بأسماء تلك الفرق ومذاهبها وقد ظهر لنا من أصول الفرق: الحرورية والقدرية والجهمية والمرجئة والرافضة والجبرية. وقد قال بعض أهل العلم: أصل الفرق الضالة هذه الفرق الست، وقد انقسمت كل فرقة منها على اثنتي عشرة فرقة فصارت اثنتين وسبعين فرقة (?). وكذا فعل الإسفراييني في (التبصير) والبغدادي في (الفرق بين الفرق) وعباس بن منصور السكسكي في مصنفه: (البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان) ... إن محاولة تعداد الفرق وحصرها في العدد المذكور الوارد في الحديث يعد تكلفاً من أولئك المصنفين لأن الأمة الإسلامية لم تنته عند تاريخ كتابة أي مصنف من تلك المصنفات، ولم يكن المصنفون على علم بما سيجد بعدهم من فرق كالصوفية مثلاً بطرقها المتشعبة حتى بلغت في مصر ستاً وستين طريقة رسمية (?). كما أننا نلاحظ الاختلاف بين هؤلاء في الفرق التي يملؤون بها العدد المذكور.
أما الحديث الوارد في افتراق الأمة، فلا خلاف على صحته، وإنما وقع الخلاف في الزيادة الواردة في حديث معاوية رضي الله عنه وإليك نصهما: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة وتفرقت النصارى على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة)) (?) وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما أنه قام فقال: ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا فقال: ((ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة)) (?)