والإيمان لا يقبل الزيادة والنقصان، بل هو شيء واحد، يستوي فيه جميع المؤمنين من الملائكة، والنبيين، والمقربين، والمقتصدين، والظالمين.

ثم قال فقهاء المرجئة: هو التصديق بالقلب، واللسان.

وقال أكثر متكلميهم: هو التصديق بالقلب.

وقال بعضهم: التصديق باللسان. قالوا: لأنه لو دخلت فيه الواجبات العملية؛ لخرج منه من لم يأت بها، كما قالت الخوارج" (?).فمرجئة الفقهاء يرون أنه يكفي الالتزام بالطاعات دون فعلها، ويجعلون الإيمان هو التصديق والالتزام معا، وعندهم أن من قال: أنا أطيع الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصدق أنه رسول الله أو أصدقه ولا ألتزم طاعته، فإنه لا يكون مسلماً ولا مؤمناً (?).

يقول الحميدي: "وأخبرت أن ناسا يقولون: من أقر بالصلاة والزكاة والصوم والحج، ولم يفعل من ذلك شيئا حتى يموت، أو يصلي مستدبر القبلة حتى يموت، فهو مؤمن، ما لم يكن جاحدا، إذا علم أن تركه ذلك فيه إيمانه، إذا كان مقرا بالفرائض واستقبال القبلة.

فقلت: هذا الكفر الصراح، وخلاف كتاب الله، وسنة رسوله، وعلماء المسلمين، قال الله تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [البينة: 5].وقال حنبل: سمعت أبا عبدالله أحمد بن حنبل يقول: من قال هذا فقد كفر بالله، ورد على أمره، وعلى الرسول ما جاء به عن الله" (?).

ونقل شيخ الإسلام ما ذكره معقل العبسي لنافع أنهم يقولون: نحن نقر بأن الصلاة فرض ولا نصلي، وبأن الخمر حرام ونشربها، وأن نكاح الأمهات حرام ونحن ننكح؟ قال نافع: من فعل هذا، فهو كافر (?).ولذلك فهم موافقون لأهل السنة في أن إبليس وفرعون وغيرهما كفار مع تصديق قلوبهم (?).وهم مع قولهم بالإرجاء يكفرون أنواعا ممن يقول كذا وكذا؛ لما فيه من الاستخفاف، ويجعلونه مرتداً ببعض هذا الأنواع (?).وهم أيضاً موافقون لأهل السنة في أن من شتم الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو كافر ظاهراً وباطناً (?).

يقول شيخ الإسلام: "ولهذا كان التكلم بالكفر من غير إكراه كفرا في نفس الأمر عند الجماعة، وأئمة الفقهاء، حتى المرجئة، خلافا للجهمية ومن ابتعهم. ومن هذا الباب سب الرسول وبغضه، وسب القرآن وبغضه، وكذلك سب الله وبغضه، ونحو ذلك مما ليس من باب التصديق والتكذيب، بل من باب الحب والتعظيم والموالاة، أو البغض والمعاداة والاستخفاف" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015