1 - الإيمان عندهم تصديق القلب، وقول اللسان.
قال شيخ الإسلام: "وهؤلاء المعروفون مثل حماد بن أبي سليمان، وأبي حنيفة، وغيرهما من فقهاء الكوفة، كانوا يجعلون قول اللسان، واعتقاد القلب من الإيمان. وهو قول محمد بن كلاب، وأمثاله، لم يختلف قولهم في ذلك، ولا نقل عنهم أنهم قالوا الإيمان مجرد تصديق القلب" (?).ويقول: "وابن كلاب نفسه، والحسن بن الفضل البجلي، ونحوهما كانوا يقولون: هو التصديق والقول جميعا، موافقة لمن قاله من فقهاء الكوفيين، كحماد بن أبي سليمان، ومن اتبعه، مثل أبي حنيفة، وغيره" (?).
ونقل شيخ الإسلام عن الحافظ ابن عبدالبر قوله: "أجمع أهل الفقه والحديث على أن الإيمان قول وعمل، ولا عمل إلا بنية، والإيمان عندهم يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، والطاعات كلها عندهم إيمان.
إلا ما ذكر عن أبي حنيفة، وأصحابه، فإنهم ذهبوا إلى أن الطاعات لا تسمى إيمانا. قالوا: إنما الإيمان: التصديق، والإقرار، ومنهم: من زاد المعرفة" (?).وقال أبو ثور في معرض رده عليهم (?): "فلما لم يكن الإقرار إذا لم يكن معه التصديق مؤمنا، ولا بالتصديق إذا لم يكن معه الإقرار مؤمنا، حتى يكون مصدقا بقلبه، مقرا بلسانه، فإذا كان تصديقا بالقلب، وإقرارا باللسان كان عندهم مؤمنا. وعند بعضهم: لا يكون مؤمنا حتى يكون مع التصديق عمل، فيكون بهذه الأشياء الثلاثة إذا اجتمعت مؤمنا" (?).
ولما قيل لعطاء إنهم يقولون: إن الإيمان منطق، ليس معه عمل.
قال عطاء: "أما يقرؤون الآية التي في البقرة لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ [البقرة: 177]، قال: ثم وصف الله على هذا الاسم ما لزمه من العمل، فقال: وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ [البقرة: 177] إلى قوله: وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [البقرة: 177].فقال: سلهم: هل دخل هذا العمل في هذا الاسم؟، وقال: وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ [الإسراء: 19]، فألزم الاسم العمل، والعمل الاسم" (?).
2 - لابد عندهم في الإيمان أن يتكلم بلسانه: فالإنسان لا يكون مؤمنا إن لم يتكلم بالإيمان مع قدرته عليه، ونزاعهم مع السلف هو فين قال، ولم يفعل (?).