فلهذا عظم القول في ذم الإرجاء، حتى قال إبراهيم النخعي: لفتنتهم - يعني المرجئة - أخوف على هذه الأمة من فتنة الأزارقة. وقال الزهري: ما ابتدعت في الإسلام بدعة أضر على أهله من الإرجاء (?).وقال الأوزاعي: كان يحيى بن أبي كثير، وقتادة يقولان: ليس شيء من الأهواء أخوف عندهم على الأمة من الإرجاء (?).وقال شريك القاضي - وذكر المرجئة - فقال: هم أخبث قوم، وحسبك بالرافضة خبثا، ولكن المرجئة يكذبون على الله (?).وقال سفيان الثوري: تركت المرجئة الإسلام أرق من ثوب سابري (?) " (?).ولما نقل شيخ الإسلام ما ذكره الإمام أبو عبيد من الأعداد الهائلة من العلماء الذين يجعلون الإيمان قول وعمل (?)، وأكثر من تسمية علماء الكوفة، نبه شيخ الإسلام على مقصده من ذلك بقوله:"قلت: ذكر من الكوفيين من قال ذلك أكثر من ذكر غيرهم؛ لأن الإرجاء في أهل الكوفة كان أولا فيهم أكثر، .... ، فاحتاج علماؤها أن يظهروا إنكار ذلك، فكثر منهم من قال ذلك" (?).

وأما المسائل التي خالف فيها مرجئة الفقهاء ما عليه سلف الأمة في باب الإيمان خاصة، فقد حررها شيخ الإسلام رحمه الله تحريراً بالغا، إذ يقول:

"ثم بعد ذلك تنازع الناس اسم المؤمن والإيمان نزاعا كثيرا منه لفظي، وكثير منه معنوي، فإن أئمة الفقهاء لم ينازعوا في شيء مما ذكرناه من الأحكام، وإن كان بعضهم أعلم بالدين، وأقوم به من بعض، ولكن تنازعوا في الأسماء، كتنازعهم في:

الإيمان: هل يزيد وينقص؟

وهل يستثنى فيه أم لا؟

وهل الأعمال من الإيمان أم لا؟ وهل الفاسق المليء مؤمن كامل الإيمان أم لا؟ " (?).

وأما الذين تولوا نشر آراء هذه الطائفة، فقد سمي شيخ الإسلام طائفة منهم، وهم:1 - إبراهيم التيمي (?):

هو أبو أسماء إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي، المتوفى سنة 92هـ.

كان كما وصفه الذهبي شابا صالحا، قانتا لله، عالما، فقيها، كبير القدر، واعظا، وكان إذا سجد كأنه جذم حائط ينزل على ظهره العصافير.

قال أبو زرعة فيه: ثقة، مرجئ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015