أَتَاني هَذَا الصَّدِيقُ الغَالي، في إِحْدَى اللَّيَالي، وَدَارَ بَيْنَنَا الحِوَارُ التَّالي ـ وَكُنْتُ أَحْكِي وَأَشْكِي وَأَبْكِي؛ مِنْ سُوءِ الحَالِ وَقِلَّةِ المَالِ وَتحَطُّمِ الآمَال؛ فَنَهَضَ وَاحِدٌ مِمَّنْ ضَمَّهُمُ المجْلِسُ وَقاَل: رِفْقاً بِنَا وَبِنَفْسِكَ يَا يَاسِر، أَمَا مَلَلْتَ مِنَ الشَّكْوَى 00؟! وَسُبْحَانَ مَنْ لاَ يَمَلّ 00؟!
فَقَالَ عَمروٌ وَقَدْ رَقَّ لِمَا سَمِعَ وَفَاضَتْ عَيْنَاهُ مِنَ الدَّمْعِ حُزْنَاً عَلَى صَاحِبِه:
لَكَ لاَ تَشْكُو وَلاَ تَتَبَرَّمُ * وَصَدْرُكَ فَيَّاضٌ وَفَمُّكَ مُلْجَمُ
يَفِيضُ لِسَانُ المَرْءِ إِنْ ضَاقَ صَدرُهُ * وَيَطْفَحُ مَا بِالقِدْرِ وَالقِدْرُ مُفْعَمُ
فَلَمْ أَرَ مِثْلَكَ بَينَ لحيَيْهِ جَنَّةٌ * وَبَينَ حَشَاهُ وَالتَّرَاقِي جَهَنَّمُ