في حكم الموقوف، وفي كلتا الحالتين يرجع إليه.

لكن أهم ما تميّز تفسير الصحابة أنه لم يدوّن بشكل مستقل، إنما اتخذ شكل الحديث النبوي.

ورحم الله ابن مسعود عند ما قال في معرض اتخاذ الأسوة والقدوة:

(من كان منكم متأسّيا فليتأسّ بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنهم كانوا أبرّ هذه الأمّة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلّها تكلّفا، وأقومها هديا، وأحسنها حالا، اختارهم الله لصحبة نبيّه صلى الله عليه وسلم وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم).

ورحم الله الإمام الشافعي عند ما قال عن الصحابة: وهم فوقنا في كل علم واجتهاد، وورع وعقل، وأمر استدرك به علم، واستنبط به حكم، وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا من آرائنا عندنا لأنفسنا (?).

أجل!

هكذا كانوا مع القرآن الكريم، تلاوة وفهما، يحلّون حلاله، ويحرّمون حرامه، لكن دار الزمن دورته، فاهتم المسلمون بشكليات القرآن فأخذوا يتفنّنون بطباعته وزخرفته، ولا أحد- إلا من رحم ربك- يهتمّ بجوهره وروحه، وكأن القرآن في هذه الأيام ينادي بلسان الحال:

(وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) (?).

فالقرآن أنزله الله هداية وصلاحا، دستورا وشريعة، نورا وبرهانا، وتكفّل الله للناس أن يجدوا فيه ما يحتاجون إليه من أمور دينهم ودنياهم، مصداق ذلك قوله تعالى: (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015