المشركين في أصل الدين ببعض ما جاء فيه من العقائد من طريق العقل المجرد عن الإيمان، فإن هذا مع كونه لا يثمر معهم إلا الخسران، فإنه ليس من سبيل المؤمنين، بل هو سبيل المتأثرين بالفلسفة وعلم الكلام، الذي حملهم إلى تأول آيات وأحاديث الصفات، وتفسيرها بما يتناسب مع عقولهم، وأهواء أمثالهم من ضعفاء الإيمان، وربما فعل ذلك بعضهم لإقناع الآخرين، وإن كان هو في قرارة نفسه لا يؤمن بذلك التأويل، فهل يمكن أن يكون كلام السيد رشيد رضا من هذا القبيل، بغية إرشاد من ضل عن سواء السبيل؟
فقد كنت لقيت رجلا فاضلاً في بعض أسفاري إلى المغرب منذ بعض سنين يظهر أنه سلفي العقيدة فزرته في داره، ودار البحث في الدعوة السلفية هناك، وإذا به يصرح بأنه لا يرى مانعاً في سبيل تقريب الناس إليها من تأويل آيات الصفات وأحاديثها لإقناع المخالفين.
فقلت له: عجباً كيف يمكن أن يكون هذا؟ إذ كيف تقدم إليهم معنى للنص أنت تؤمن بخلافه أولاً، ثم كيف تكون قد دعوته إلى مذهبك السلفي وقد قدمت إليه المعني الخلفي؟ إن أخشى ما أخشاه أن يكون هذا من باب قول من قال: "وداوني بالتي كانت هي الداء".
وختامًا أقول: لقد خرجت من دراستي لهذه الرسالة النافعة للأمير الصنعاني رحمه الله تعالى بالعبر الآتية:
الأولى: أنني ازددت إيماناً ويقيناً بالقول المأثور عن جمع من الأئمة: " ما منا من أحد إلا رد ورد عليه إلا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - " (?). فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية زلت به