[ثم قال الآلوسي:]
على أن السلام هو الرحمة للموتى، وننزلهم منزلة المخاطبين السامعين، وذلك شائع في العربية كما لا يخفى على العارفين، فهذه العرب تُسَلِّمُ على الديار، وتخاطبها على بعد المزار.
[فعلق الألباني قائلاً]:
ومن ذلك مخاطبة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الهلال حين يراه بقوله: ". . . ربنا وربك الله " ونحوه مما جاء في عدة أحاديث مخرجة في " المشكاة " (2428 و2451) و"الكلم الطيب " (ص 91/ 161) و" الصحيحة " (1816). و" الضعيفة " (1506).
ومثله ما روي عن ابن عمر مرفوعاً: " كان إذا سافر فأقبل الليل قال: يا أرض، ربي وربك الله، أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك. . . " الحديث، وقد صححه بعضهم، لكن في إسناده جهالة كما بينته في " الكلم الطيب " (99/ 180) و" المشكاة " (3439 - التحقيق الثاني).
وفي ذلك كله رد قوي على قول ابن القيم في " الروح " (ص 8) وقد ذكر السلام على الأموات -: "فإن السلام على من لا يَشْعُرُ ولا يَعْلَمُ بالمسلم محال"، قال: "وهذا السلام والخطاب والنداء لموجود يسمع ويخاطب ويرد" وكأنه رحمه الله لم يستحضر خطاب الصحابة للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في التشهد: " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " خلفه في المدينة، وبعيداً عنه في سائر البلاد، بحيث لو خاطبوه بذلك جهراً لم يسمعهم - صلى الله عليه وآله وسلم -، فضلاً عن جمهور المسلمين اليوم وقبل اليوم الذي يخاطبونه بذلك، أفيقال: إنه يسمعهم؟ أو أنه من المحال السلام عليه