قرابة ثلاثين سنة، أعلنت مقاطعته حتى يعود إلى رشده، فكان كلما لقيني وهش إلي وبش أعرضت عنه, ويحكي للناس شاكياً إعراضي عنه متجاهلاً فعلته، وأكثر الناس لا يعلمون بها، في الوقت الذي يتظاهر فيه بمدحي والثناء علي وأنه تلميذي! إلى أن فوجئت به في منزل أحد السلفيين في عمان في دعوة غداء في منتصف جمادى الأولى لسنة (1396) فسارع إلى استقبالي كعادته، فأعرضت عنه كعادتي، وعلى المائدة حاول أن يستدرجني إلى مكالمته بسؤاله إياي عن بعض الشخصيات العلمية التي لقيتها في سفري إلى (المغرب)، وكنت حديث عهد بالرجوع منه، فقلت له: لا كلام بيني وبينك حتى تنهي مشكلتك! قال: أي مشكلة؟ قلت: أنت أدرى بها، فلم يستطع أن يكمل طعامه.

فقصصت على الإخوان الحاضرين قصته، وتعصبه لرأيه، وظلمه لأخيه المخالف له، واقترحت عقد جلسة خاصة ليسمعوا من الطرفين, وكان ذلك بعد يومين من ذلك اللقاء، فبعد أن انصرف الناس جميعاً من الندوة التي كنت عقدتها في دار أحدهم في (جبل النصر) وبقي بعض الخاصة من الإخوان، بدأ النقاش، فإذا بهم يسمعون منه كلاماً عجباً، وتناقضا غريباً، فهو من جهة يشكوني إليهم لمقاطعتي إياه، وأنه يهش إلي ويبش، ويتفاخر في المجالس بأني شيخه، ومن جهة أخرى لما يجري البحث العلمي بيني وبينه يصرح بتضليلي أيضاً وبمقاطعتي! فيقول له الإخوان: كيف هذا، وأنت تشكو مقاطعته إياك؟! فلا يجيب على سؤالهم، وإنما يخوض في جانب آخر من الموضوع.

وباختصار فقد انكشف للحاضرين إعجابه برأيه وإصراره عليه، وتعديه على من يزعم أنه شيخه وجزمه بضلاله، والله المستعان. فإذا قيل له: رأيك هذا هو وحي السماء، ألا يمكن أن يكون خطأ؟ قال: بلى، فإذا قيل له: فكيف تجزم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015