[قال الإمام]:
اعلم أن الحديث وما ذكرنا من الأحاديث الأخرى، مما يدل على المغايرة بين الرسول والنبي، وذلك مما دل عليه القرآن أيضاً في قوله عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ في أُمْنِيَّتِهِ ... } [الحج:52] الآية.
وعلى ذلك جرى عامة المفسرين، من ابن جرير الطبري الإمام، إلى خاتمة المحققين الآلوسي، وهو ما جزم به شيخ الإسلام ابن تيمية في غير ما موضع من فتاويه (المجموع10/ 290 و18/ 7) أن كل رسول نبي، وليس كل نبي رسولا.
وقال القرطبي في " تفسيره " (12/ 80): " قال المهدوي: وهذا هو الصحيح أن كل رسول نبي وليس كل نبي رسولاً.
وكذا ذكر القاضي عياض في كتاب "الشفا"، قال: والصحيح الذي
عليه الجم الغفير أن كل رسول نبي وليس كل نبي رسولا واحتج بحديث
أبي ذر ...
قلت: ويؤكد المغايرة في الآية ما رواه أبو بكر الأنباري في كتاب " الرد" له بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ: [وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث]. وقال أبو بكر: فهذا حديث لا يؤخذ به على أن ذلك قرآن، والمحدث هو الذي يوحى إليه في نومه؛ لأن رؤيا الأنبياء وحي.
قلت: فإن صح ذلك عن ابن عباس فهو مما يؤكد ما ذكرنا من المغايرة، وإن كان لا يثبت به قرآن، ويؤيده أن المغايرة هذه رويت عن تلميذه مجاهد رحمه الله، فقد ذكر السيوطي في " الدر " (4/ 366) برواية ابن المنذر وابن أبي حاتم عن