أما الإشكال الذي يصوره السؤال: أن ملك الموت كيف يضربه موسى عليه السلام؟ الجواب: وهذا فيه إشارة لما قلته أن هؤلاء الناس لا يدرسون السنة، الجواب: في رواية في مسند الإمام أحمد بسند صحيح قال: كان ملك الموت يأتي الناس على صورة البشر، فإذًا: ملك الموت لما جاء إلى موسى فقال له: أجب ربك، ما جاءه بالعلامة التي تجعل موسى عليه السلام ينتبه إلى أن هذا الذي يقول له: أسلم روحك هو ملك مرسل من الله، فهو جاءه بصورة بشر، وأي إنسان منا لو جاءه شخص ويقول: سلم لي روحك، فماذا سيكون موقفه منه؟ سيكون موقف موسى عليه السلام بالذات؛ لأنه يتعدى على وظيفة لملك كريم لا يشاركه فيه الملائكة الآخرون، فكيف إنسان يتقدم إلى بشر مثله ويقول: أسلم روحك، فما كان منه إلا صفعه ففقأ عينه، هذا أمر طبيعي والشبهة تطيح وتزول من أصلها وفصلها حينما نتذكر هذه الرواية الأخرى أن ملك الموت كان يأتي الناس عيانًا بصورة البشر، بذلك ترون في تتمة الحديث أن ملك الموت لما شكا أمره إلى الله وقال له: أرسلتني إلى عبد يكره الموت، أعطاه علامة وقال له: راجع إلى موسى وقل له: إن ربك يأمرك أن تضع يدك إلى آخر الحديث على جلد ثور فلك من العمر بكل شعرة تحت يدك، لما رجع الملك بهذا البرهان إلى موسى عليه الصلاة والسلام قال له: وماذا بعد ذلك؟ قال: الموت، قال: إذًا فالآن قبض روحه تلك الساعة، لماذا استسلم ثانيًا ولم يستسلم أولًا؟ وضح الجواب، أولًا كان الطالب بشرًا من البشر، فكأنه يهزأ، وما كان موسى يعلم أنه ملك من الله مرسل، لذلك ضربه فلما جاء الملك ومعه هذه العلامة من الله عز وجل واطمئن موسى إليها وسأله ذلك السؤال، وأجابه: ما بعد ذلك إلا الموت، قال: فالآن، إذًا: موسى لا يكره الموت ولكنه فقأ عين ذلك الرجل على ظنه أنه بشر من البشر.