كان جاهلًا بعلم أن يتكلم فيه؛ لأنه يخالف نصوصًا من الكتاب والسنة من ذلك قول ربنا تبارك وتعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (الإسراء:36) فالذي يريد أن يتكلم في الطب مثلًا لا يجوز أن يتكلم إذا كان مفسرًا؛ لأن الطب ليس من عمله، كما أن هذا الطبيب المختص في مهنته لا يجوز أن يتكلم في التفسير أو في الفقه أو في غير ذلك؛ لأن هذا وذاك إذا تكلما في غير اختصاصهما فقد قفا ما لا علم له به، ويكون قد خاف النص القرآني السابق.
هذا أظن من الأمور التي يصح أن يذكر معه المثل العربي القديم: هذا أمر لا يختلف فيه اثنان ولا ينتطح فيه عنزان، أي: أنه لا يجوز أن يتكلم في علم ما إلا أهل الاختصاص، إذا كان هذا أمرًا مسلمًا وهو كذلك عدنا إلى هذا الحديث أو غيره، من الذي يتكلم فيه، آلطبيب مثلًا؟ الجواب طبعًا: لا، آلكيمائي مثلًا؟ الجواب: لا، أسئلة كثيرة كثيرة نقترب من الحقيقة، آلمفسر؟ الجواب: لا، آلفقيه؟ الجواب: لا، إذًا: من الذي يتكلم؟ إنما هو العالم بالحديث، وعلماء الحديث كانوا كما قيل .. كانوا إذا عدو قليلًا فصاروا اليوم أقل من القليل.
ولذلك فلا يجوز لطلاب العلم أن يتورطوا بكلمة تنقل عن عالم لا نعرف هوية واختصاص هذا العالم إذا ما قال: الحديث الفلاني ضعيف، هذه قاعدة يجب أن نلتزمها دائمًا وأبدًا، ومن عجائب المصائب التي حلت في الأمة من الغفلة بالقواعد العلمية المبثوثة في الكتاب والسنة أنهم يبتعدون عنها كل البعد، وإذا جاء دور ما يتعلق بما يخص أنفسهم تجدهم يحققون مثل ذلك النص القرآني الذي يلزم المسلمين أن يرجعوا إلى أهل الاختصاص، مثلًا إذا أصاب أحدنا أو أحد من يخصنا مرض ما فهو لا يذهب إلى أي طبيب وإنما قبل كل شيء يسأل عن