اعتبر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - شهادة الجارية بأن الله في السماء: أنها ليست تشهد فقط بلسانها: أن لا إله إلا الله، بل هي تؤمن بأنه واحد في ذاته، واحد في عبادته، واحد في صفاته؛ فإياكم أن تقعوا في هذه الضلالة؛ لأننا نسمعها، نكون في مجلس فكأنه يذكر الله فيقول: الله موجود في كل الوجود، ألا تسمعوه هذه الكلمة؟ هذه هو معناه: الله موجود في كل الوجود.
هناك وجودان أحدهما: واجب الوجود وهو الله، كان ولا شيء معه كما سمعتم.
الوجود الثاني: هو الوجود الممكن وهو المخلوق.
فنحن لنا وجود ولله عز وجل وجوده الأزلي: لا أول له ولا آخر فإذن الله موجود في كل الوجود يعني ومنها الوجود هذا الذي نحن فيه الآن هنا معنى تلك الضلالة: الله موجود في كل مكان، فإياكم أن تقولوها صريحة، الله موجود في كل مكان، أو الله موجود في كل الوجود، لا.
هذا ضلال ما بعده ضلال؛ لأنه ينافي ما ذكرناه مما جاء في القرآن والسنة والآثار السلفية: أن الله عز وجل فوق المخلوقات كلها.
يقابل هذه الضلالة ضلالة أخرى هي أضل من الأولى، الضلالة الأخرى هي أن الله عز وجل ليس داخل العالم ولا خارجه.
الذي يقول: أن الله عز وجل داخل العالم، أي يقول: الله موجود في كل مكان، أو الله موجود في كل الوجود، هنا يثبت لله وجود مع التشبيه، والتشبيه باطل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (الشورى:11) ولذلك فهذا ضلال، ولكن أضل أن يقال: إن الله ليس داخل العالم ولا خارجة، فهذا نصف الكلام صح: الله ليس داخل