قائمة به، وأنه لا يجب التثبت بل يؤخذ به حالاً، ولذلك قال ابن القيم رحمه الله في "الإعلام" (2/ 394):
"وهذا يدل على الجزم بقبول خبر الواحد وأنه لا يحتاج إلى التثبت، ولو كان خبره لا يفيد العلم لأمر بالتثبت حتى يحصل العلم.
ومما يدل عليه أيضاً أن السلف الصالح وأئمة الإسلام لم يزالوا يقولون: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - كذا، وفعل كذا وأمر بكذا، ونهى عن كذا، وهذا معلوم في كلامهم بالضرورة، وفي "صحيح البخاري": قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في عدة مواضع، وكثير من أحاديث الصحابة يقول فيها أحدهم: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وإنما سمعه من صحابي غيره، وهذه شهادة من القائل، وجزم على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بما نسب إليه من قول أو فعل، فلو كان خبر الواحد لا يفيد العلم لكان شاهداً على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بغير علم".
الدليل الرابع: سنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وأصحابه تدل على الأخذ بخبر الآحاد: إن السنة العملية التي جرى عليها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وأصحابه في حياته وبعد وفاته تدل أيضاً دلالة قاطعة على عدم التفريق بين حديث الآحاد في العقيدة والأحكام، وأنه حجة قائمة في كل ذلك، وأنا ذاكر الآن بإذن الله بعض ما وقفت عليه من الأحاديث الصحيحة، قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في "صحيحه" - 8/ 132):
" باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان والصلاة والصوم والفرائض والأحكام، وقول الله تعالى: {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين، ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} ويسمى الرجل طائفة لقوله تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} فلو اقتتل رجلان