يتبناها بعض علماء الكلام، وقواعد زعمها بعض علماء الأصول والفقهاء المقلدين، كان من نتائجها الإهمال المذكور الذي أدى بدوره إلى الشك في قسم كبير منها، ورد قسم آخر منها لمخالفتها لتلك الأصول والقواعد، فتبدلت الآية عند هؤلاء، فبدل أن يرجعوا بها إلى السنة ويتحاكموا إليها، فقد قلبوا الأمر، ورجعوا بالسنة إلى قواعدهم وأصولهم، فما كان منها موافقاً لقواعدهم قبلوه، وإلا رفضوه، وبذلك انقطعت الصلة التامة بين المسلم وبين النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وخاصة عند المتأخرين منهم، فعادوا جاهلين بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وعقيدته وسيرته وعبادته، وصيامه وقيامه وحجة وأحكامه وفتاويه، فإذا سئلوا عن شيء من ذلك أجابوك إما بحديث ضعيف أو لا أصل له، أو بما في المذهب الفلاني، فإذا اتفق أنه مخالف للحديث الصحيح وذكروا به لا يذكرون، ولا يقبلون الرجوع إليه لشبهات لا مجال لذكرها الآن، وكل ذلك سببه تلك الأصول والقواعد المشار إليها، وسيأتي قريباً ذكر بعضها إن شاء الله تعالى.
ولقد عم هذا الوباء وطم كل البلاد الإسلامية، والمجلات العلمية والكتب الدينية إلا نادراً، فلا تجد من يفتي فيها على الكتاب والسنة إلا أفراداً قليلين غرباء، بل جماهيرهم يعتمدون فيها على مذهب من المذاهب الأربعة، وقد يتعدونها إلى غيرها إذا وجدوا في ذلك مصلحة - كما زعموا - وأما السنة فقد أصبحت عندهم نسياً منسياً، إلا إذا اقتضت المصلحة عندهم الأخذ بها، كما فعل بعضهم بالنسبة لحديث ابن عباس في الطلاق بلفظ ثلاث وأنه كان على عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - طلقة واحدة، فقد أنزلوها منزلة بعض المذاهب المرجوحة! وكانوا قبل أن يتبنوه يحاربونه ويحاربون الداعي إليه!
وإن مما يدل على غربة السنة في هذا الزمان وجهل أهل العلم والفتوى