الأشهر والأقوى سنداً، وهي التي تقول جواباً عن سؤال السائلين عن الفرقة الناجية قال عليه الصلاة والسلام: «هي الجماعة»، «هي الجماعة»، فقوله هذا تفسير للآية السابقة «ويتبع غير سبيل المؤمنين» فسبيل المؤمنين هي الجماعة والجماعة هي سبيل المؤمنين
ومعنى هذا أنه ويجب على علماء المسلمين خاصة في هذه الأزمنة المتأخرة ألا يُعْمَل فقط بدراسة السنة ومعرفة ما كان عليه الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وهذا أمر لا بد منه لأن تفسير القرآن لا يستقيم ولا سبيل إليه إلا بطريق السنة التي هي بيان القرآن كما ذكرنا آنفا، لا يمكن للعالم أن يكتفي على دراسة الكتاب والسنة في العصر الحاضر، بل لا بد أن يضم لذلك دراسةً ثالثةً؛ وهي: أن يعرف ما كان عليه أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من الهدى والنور؛ لأنهم قد تلقوا البيان من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بالقرآن، وبيان الرسول عليه السلام بالسنة القولية في كثير من الأحيان لفهمه أو لتقريبه هذه الأمور التي لا يمكن الوصول إليها إلا بمعرفة أثار السلف الصالح.
فلذلك فالحديث هذا أيضا يلتقي مع حديث آخر طالما سمعتموه أو قرأتموه في كتب الحديث، ألا وهو حديث العرباض ابن سارية رضي الله وتعالى عنه الذي قال: «وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله أوصنا وصية لا نحتاج إلى أحد بعدك أبدا؛ فقال عليه الصلاة والسلام: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن ولي عليكم عبد حبشي، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي» - هنا الشاهد - لم يقتصر عليه الصلاة والسلام على كلمته هذه فعليكم بسنتي بل عطف عليها أيضا كما فعل في حديث الفرق: «وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة» زاد