بأن له حقيقة ثابتة في نفس الأمر مستوجبة لصفات الكمال لا يماثلها شيء، فسمعه وبصره وكلامه ونزوله واستواؤه ثابت في نفس الأمر، وهو متصف بصفات الكمال التي لا يشابهه فيها سمع المخلوقين وبصرهم وكلامهم ونزوله واستواؤهم ... ".

وقال في " الحموية " (ص 99) بعد أن ذكر مختصر ما تقدم:

" ومذهب السلف بين التعطيل وبين التمثيل، فلا يُمثلِّون صفات الله بصفات خلقه كما لا يمثلون ذاته بذات خلقه، ولا ينفون عنه ما وصف بها نفسه ووصفه به رسوله، فيعطلوا أسماءه الحسنى وصفاته العليا، ويحرِّفوا الكلم عن مواضعه، ويلحدوا في أسماء الله وآياته.

وكل واحد من فريقي التعطيل والتمثيل فهو جامع بين التعطيل والتمثيل، أما المعطلِّون فإنهم لم يفهموا من أسماء الله وصفاته إلا ما هو اللائق بالمخلوق ثم شرعوا في نفي تلك المفهومات، فقد جمعوا بين التعطيل والتمثيل مثلَّوا أولاً وعطلوا آخراً، وهذا تشبيه وتمثيل منهم للمفهوم من أسمائه وصفاته بالمفهوم من أسماء خلقه وصفاتهم، وتعطيل لما يستحقه هو سبحانه من الأسماء والصفات اللائقة به سبحانه وتعالى؛ فإنه إذا قال القائل: لو كان الله فوق العرش للزم إما أن يكون أكبر من العرش أو أصغر أو مساوياً، وكل ذلك من المحال - ونحو ذلك من الكلام - فإنه لم يَفهم من كون الله على العرش إلا ما يَثُبت لأي جسم كان على أي جسم كان، وهذا اللازم تابع لهذا المفهوم، أما استواء يليق بجلال الله ويختص به فلا يلزمه شيء من اللوازم الباطلة التي يجب نفيها كما يلزم سائر الأجسام، وصار هذا مثل قول الممثل: إذا كان للعالم صانع فإما أن يكون جوهراً أو عرضاً إذا لا يعقل موجود إلا هذان، وقوله: إذا كان مستوياً على العرش فهو مماثل لاستواء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015