يمكن لأحدٍ منها أو واحدة منها أن يعلن عدم اعتزازه بدعوة على الكتاب والسنة، ولكنهم مع هذا الاعتزاز يفسرون النصوص من الكتاب والسنة حسب ما تقتضيه تكتلاتهم وحزبياتهم، ولا يرجعون في ذلك إلى فهم النصوص على ما كان فهمها سلفنا الصالح، أكرر على مسامعكم ثم أؤيد ما أقول لكم: لا ينبغي أن تقتصر دعوتنا على الكتاب والسنة فقط بل يجب أن نضم لذلك ما أشار الله تبارك وتعالى إليه في كتابه الكريم، ثم تولى نبينا صلوات الله وسلامه عليه بيان ذلك في سنته الصحيحة، انطلاقاً منه وتجاوباً مع قول ربنا عز وجل حين خاطبه بقوله: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (النحل:44) مما ينبه عليه الصلاة والسلام من كلام رب الأنام قوله عز وجل في القرآن: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (النساء:115) الشاهد من هذه الآية قوله عز وجل فيها ويتبع غير سبيل المؤمنين فإن هذه الآية تُلفت النظر، أن على المسلمين في كل زمان وفي كل مكان ألا يخرجوا عن سبيل المؤمنين، حيث قال رب العالمين {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} (النساء:115) فما حكمة هذه الجملة المعطوفة على ما قبلها، وهي ويتبع غير سبيل المؤمنين، كان من المفيد أن تكون الآية دون هذه الجملة «ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرًا»، لو كانت الآية هكذا بهذا الاختصار لكان معنىً سليماً مستقيماً لا غبار عليه إطلاقا؛ لكن الله عز وجل حينما عطف على قوله {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} وقال: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} أراد بذلك أن يلفت نظر المؤمنين الذين يحذرون من أن يشاققوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى، أيضاً يجب عليهم أن يحذروا من أن يخالفوا سبيل المؤمنين.