في ذلك حذوه ومثاله، فإذا كان معلوما أن إثبات رب العالمين عز وجل إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف.

فإذا قلنا: لله تعالى يد وسمع وبصر فإنما هي صفات أثبتها الله تعالى لنفسه ولا نقول: إن معنى اليد: القدرة، ولا إن معنى السمع والبصر: العلم، ولا نقول: إنها جوارح، ولا نشبهها بالأيدي والأسماع والأبصار التي هي جوارح وأدوات للفعل، ونقول: إنما وجب إثباتها لأن التوقيف ورد بها ووجب نفي التشبيه عنها؛ لقوله تبارك وتعالى {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} وقوله عز وجل: {ولم يكن له كفوا أحد}.

ولما تعلق أهل البدع على عيب أهل النقل برواياتهم هذه الأحاديث، ولبَّسوا على من ضعف علمه بأنهم يروون ما لا يليق بالتوحيد ولا يصح في الدين، ورموهم بكفر أهل التشبيه وغفلة أهل التعطيل أجيبوا بأن في كتاب الله تعالى آيات محكمات يفهم منها المراد بظاهرها، وآيات متشابهات لا يوقف على معناها إلا بردها إلى المحكم، ويجب تصديق الكل والإيمان بالجميع، فكذلك أخبار الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - جارية هذا المجرى، ومنزلة على هذا التنزيل، يرد المتشابه منها إلى المحكم ويقبل الجميع.

وتنقسم الأحاديث المروية في الصفات ثلاثة أقسام:

أ - منها أخبار ثابتة أجمع أئمة النقل على صحتها لاستفاضتها وعدالة ناقليها، فيجب قبولها والإيمان بها، مع حفظ القلب أن يسبق إليه اعتقاد ما

يقتضي تشبيها لله بخلقه، ووصفه بما لا يليق به من الجوارح والأدوات والتغير والحركات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015