وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب:70، 71).
أما بعد:
كلمتي (هي) بإيجاز ... تتعلق بالعلم النافع، والعمل الصالح، أما العلم النافع فيشترط فيه أمران اثنان:
أما الأمر الأول: فأن يكون مستقىً من كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، والكتاب والسنة أمران معروفان لدى جميع المسلمين قاطبةً، على ما بينهم من اختلاف كبير أو صغير في فهم بعض نصوصهما، إلا أن الذي أريد أن أدندن حوله فيما يتعلق بالكتاب والسنة، إنما هما أمران اثنان أحدهما يتعلق بالقرآن، والآخر يتعلق بالسنة، أما الأول فهو أن يكون من طابع طالب العلم أن يكون ديدنه أن يفهم القرآن على ضوء السنة؛ ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد خاطبه الله عز وجل في القرآن الكريم بقوله: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (النحل:44).
وعلى ذلك فلا بد لطالب العلم النافع أن يعتمد في فهمه للقرآن على السنة، هذه نقطة متفق عليها والحمد لله بين المسلمين قاطبة، على ما بينهم من اختلاف في طريقة إثبات السنة، ولسنا الآن في هذا الصدد، فإذا كان من المتفق عليه بين المسلمين كافة أن القرآن يجب تفسيره بالسنة، فمن تمام العلم النافع أن نتحرى السنة الصحيحة، وهذه نقطة أو هذا أمر يخل به جماهير العلماء في العصر الحاضر؛ ذلك أنهم ينقلون من السنة ما وقفوا عليه دون تنبه، أو دون أن يأخذوا حذرهم من أن يكون ما ينقلونه من الحديث عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لا تصح نسبته إليه، وحينئذ يقعون في محظورين اثنين: أحدهما إثر الآخر.