فهل تقطع من هنا أم من هنا أم من هنا بين ذلك الرسول بفعله، ليس عندنا هناك حديث صحيح - كما جاء في تحديد السرقة التي يستحق السارق أن تُقْطَع يده من أجلها ليس عندنا حديث - يحدد لنا مكان القطع من بيانه القولي، وإنما عندنا بيان فعلي تطبيقي عملي، من أين نعرف هذا التطبيق؟ من سلفنا الصالح أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، هذا هو القسم الثاني وهو البيان الفعلي.
القسم الثالث: إقرار الرسول عليه السلام للشيء: لا يُنْكِرُهُ ولا ينهى عنه، هذا الإقرار ليس قولاً منه، ولا فعلاً صدر منه، إنما هذا الفعل صدر من غيره، كل ما صدر منه أنه رأى وأقر، فإذا رأى أمراً وسكت عنه وأقره صار أمراً مقرراً جائزاً، وإذا رأى أمراً فأنكره ولو كان ذلك الأمر واقعاً من بعض الصحابة ولكن ثبت أنه نهى عنه حينئذٍ هذا الذي نهى عنه يختلف كل الاختلاف عن ذلك الذي أقره، وهاكم المثال للأمرين الاثنين - وهذا من غرائب الأحاديث -: يقول عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما: كنا نشرب ونحن قيام، ونأكل ونحن نمشي، في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام. تحدث عبد الله في هذا الحديث عن أمرين اثنين:
1 - عن الشرب من قيام.
2 - وعن الأكل ماشياً.
وأن هذا كان أمراً واقعاً في عهد الرسول عليه السلام، فما هو الحكم الشرعي بالنسبة لهذين الأمرين: الشرب قائماً والأكل ماشياً؟ إذا طبقنا كلامنا السابق نستطيع أن نأخذ الحكم طبعاً بضميمة لا بُدَّ منها وهي: من كان على علمٍ بما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قولاً وفعلاً وتقريراً، فإذا رجعنا إلى السنة الصحيحة فيما يتعلق بالأمر الأول الذي ابْتُلِيَ كثير من المسلمين إنْ لم أقل ابْتُلِيَ به أكثر المسلمين