في الحديث المعروف وأقتصر منه الآن على الشاهد منه: «وسَتَفْتَرِقُ أمتي على ثلاثٍ وسبعين فِرْقَة كلها في النار إلا واحدة» قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: «هي الجماعة» (?) الجماعة: هي سبيل المؤمنين، فالحديث إنْ لم يكن وحياً مباشراً من الله على قلب نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم -، وإلا فهو اقتباس من الآية السابقة: {ويتبع غير سبيل المؤمنين} إذا كان من يشاقق الرسول ويتبع غير سبيل المؤمنين قد أُوْعِدَ بالنار، فالعكس بالعكس: من اتبع سبيل المؤمنين فهو مَوْعود بالجنة ولا شك ولا ريب، إذن رسول الله لما أجاب عن سؤال: ما هي الفرقة الناجية؟ من هي؟ قال: «الجماعة»، إذن، الجماعة: هي طائفة المسلمين، ثم جاءت الرواية الأخرى تُؤَكِّدُ هذا المعنى بل وتزيده إيضاحاً وبياناً، حيث قال عليه السلام: «هي ما أنا عليه وأصحابي»، «أصحابي» إذن هي سبيل المؤمنين، فحينما قال ابن القيم رحمه الله في كلامه السابق ذِكْره "والصحابة" وأصحابه عليه السلام، فإنما اقتبس ذلك من الآية السابقة ومن هذا الحديث، كذلك الحديث المعروف حديث العرباض ابن سارية رضي الله تعالى عنه أيضاً أَقْتَصِر منه الآن - حتى نُفْسِحَ المجال لبعض الأسئلة- على مَوْضِع الشاهد منه، حيث قال عليه السلام: «فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» (?).
إذن، هنا كالحديث الذي قبله وكالآية السابقة، لم يَقُلِ الرسول عليه السلام: فعليكم بسنتي فقط، وإنما أضاف أيضاً إلى سُنَّتِهِ: سنة الخلفاء الراشدين، من هنا، نحن نقول وبخاصة في هذا الزمان، زمان تضاربت فيه الآراء والأفكار والمذاهب وتكاثرت الأحزاب والجماعات حتى أصبح كثير من الشباب المسلم يعيش