والأخرى وهي الثالثة:
«رآه بقلبه» وعلى هذا: فهذا الأثر أو هذا الحديث مضطرب عن ابن عباس رضي الله عنه ما بين رآه مطلقًا، ورآه بعينيه، ورآه بقلبه، والحديث المضطرب من أقسام الحديث الضعيف، وحينئذ فلا نستطيع أن نجزم بأن ابن عباس كان من عقيدته أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - رأى ربه ولكن مع هذا لا يمكن لكل باحث منصف أن يدعي أنه لم يكن هناك من يقول بقول ابن عباس لكن هذا القائل لا يعرف عينه ولا شخصه, أما أنه كان هناك من يقول بقول ابن عباس فذلك يمكن أن يؤخذ من نفس حديث السيدة عائشة رضي الله عنها المروي في الصحيحين من طريق مسروق -رحمه الله- حيث سألها قائلا لها: «يا أم المؤمنين هل رأى محمد ربه؟» الحديث.
ولا بأس بإتمامه ولكن لابد من ذكر موضع الشاهد منه فسؤال مسروق لأم المؤمنين هل رأى محمد ربه؟ يشعر الباحث بأنه كان هناك من يقول بأن محمدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - رأى ربه, من هو؟ الله أعلم, يمكن أن يكون هو ابن عباس نفسه ولكن ابن عباس لم يستقر رأيه على شيء من أقواله الثلاثة التي ذكرتها آنفًا, نعود إلى حديث عائشة رضي الله عنها فلما سألها وقال لها: هل رأى محمد ربه؟ قالت: لقد قف شعري مما قلت, قال: «يا أم المؤمنين ألم يقل رب العالمين {ولقد رآه نزلة أخرى ... } الآية, قالت: أنا أعلم الناس بذلك سألت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال: رأيت جبريل في صورته التي خلق فيها مرتين وله جناحان قد سد الأفق».
فإذاً: مرجع هذا الضمير في تفسير الرسول عليه السلام نفسه لهذه الآية إنما يعود إلى جبريل وليس إلى رب العالمين تبارك وتعالى, ثم تابعت بيانها رضي الله عنها فقالت: