قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات غير ثابت بن الحارث الأنصاري؛ فإنه غير معروف بعدالة أو جرح، ولم يورده أحد من أئمة الجرح والتعديل غير ابن أبي حاتم برواية الحارث بن يزيد هذا فقط عنه، وبيَّض له. وقد ذكر ابن هشام في "السيرة" (3/ 8) عن محمد بن إسحاق عن الزهري: أن الأنصار يوم أحد قالوا لرسول الله قيم: يا رسول الله! ألا نستعين بحلفائنا من يهود؟ فقال: "لا حاجة لنا فيهم ".

وذكر نحوه ابن كثير في "البداية" (4/ 14)، ومن قبله ابن القيم في "زاد المعاد"، وهو الموافق لحديث عائشة الصحيح: " إنا لا نستعين بمشرك أو بالمشركين ".

وهو مخرج في "الصحيحة " (1101) كما تقدم قريباً.

وعليه فإني أقول: إذا تبين لك ضعف حديث الترجمة، وما فيه من عرضه - صلى الله عليه وآله وسلم - على اليهود أن يقاتلوا معه؛ فلا حاجة حينئذٍ إلى التوفيق بينه وبين حديث عائشة الصحيح كما فعل الطحاوي حين قال: "لأن اليهود الذين دعاهم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى قتال أبي سفيان معه؛ ليسوا من المشركين الذين قال رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - في الآثار الأُوَل: فإنه لا يستعين بهم؛ أولئك عبدة الأوثان، وهؤلاء أهل الكتاب الذين قد ذكرنا مباينة ما هم عليه مما عبدة الأوثان عليه في الباب الذي تقدم قبل هذا ... ".

قلت: يشير إلى بعض الأحكام التي خص بها أهل الكتاب دون المشركين كحل ذبائحهم، ونكاح نسائهم، وغيرها مما بعضه موضع نظر، وبنى على ذلك قوله (ص 234): "فكان كل شرك بالله كفراً، وليس كل كفر بالله شركاً"!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015