الكتاب والسنة وآثار السلف الصالح رضي الله عنهم, بل ويغمز منهم جميعاً مشيراً إليهم بقوله في "التأنيب" (ص 44 - 45) إلى "أناس صالحون" يشير أنهم لا علم عندهم فيما ذهبوا إليه ولا فقه, وإنما الفقه عند أبي حنيفة دونهم, ثم يقول: إنه الإيمان والكلمة, وإنه الحق والصراح. وعليه فالسلف وأولئك الأئمة الصالحون (!) هم عنده على الباطل في قولهم: بأن الأعمال من الإيمان, وأنه يزيد وينقص. وقد نقل أبو غدة كلام شيخه الذي نقلنا موضوع الشاهد منه, نقله بحرفه, في التعليق على "الرفع والتكميل" (ص 67 - 69) , ثم أشار إليه في مكان آخر منه ممجداً به ومكبراً له بقوله (ص 218):
وانظر لزاماً ما سبق نقله تعليقاً فإنك لا تظفر بمثله في كتاب ثم أعاد الإشارة إليه (ص 223) مع بالغ إعجابه به. وظني به أنه يجهل - أن هذا التعريف للإيمان الذي زعم شيخه أنه الحق الصراح - مع ما فيه من المخالفة لما عليه السلف كما عرفت, مخالف لما عليه المحققون من علماء الحنفية أنفسهم الذين ذهبوا إلى:
أن الإيمان هو التصديق فقط ليس معه الإقرار! كما في "البحر الرائق" لابن نجيم الحنفي (5/ 129) , والكوثري في كلمته المشار إليها يحاول فيها أن يصور للقارئ أن الخلاف بين السلف والحنفية في الإيمان لفظي, يشير بذلك إلى أن الأعمال ليست ركناً أصلياً, ثم يتناسى أنهم يقولون بأنه يزيد وينقص, وهذا ما لا يقول به الحنفية إطلاقاً, بل إنهم قالوا في صدد بيان الألفاظ المكفرة عندهم: وبقوله: الإيمان يزيد وينقص كما في "البحر الرائق" - "باب أحكام المرتدين"! فالسلف على هذا كفار عندهم مرتدون!! راجع شرح الطحاوية (ص 338 - 360) و"التنكيل" (2/ 362 - 373) الذي كشف عن مراوغة الكوثري في هذه المسألة.