هم المؤمنون منهم الموحدون, فهؤلاء قبل مجيء دعوة الإسلام هم كاليهود والنصارى, وهم ذُكروا أيضاً في نفس السياق الذي ذُكر فيه الصابئة فهؤلاء مَنْ كان منهم متمسكاً بدينه في زمانه, فهو من المؤمنين {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
ولكن بعد أن بعث الله عزوجل محمداً عليه الصلاة والسلام بدين الإسلام, وبلغت دعوة هذا الإسلام أولئك الناس من يهود ونصارى وصابئة, فلا يقبل منه إلا الإسلام. إذاً قوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا} أي: بعد مجيء الإسلام على لسان الرسول عليه الصلاة والسلام, وبلوغ دعوة الإسلام إليه, فلا يُقبل منه إلا الإسلام. وأما الذين كانوا قبل بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام بالإسلام, أو الذين قد يوجدون اليوم على وجه الأرض ولم تبلغهم دعوة الإسلام أو بَلَغَتْهُمْ دعوةُ الإسلام ولكنْ بلغتهم محرفةً عن أساسها وحقيقتها, كما ذكرتُ في بعض المناسبات عن القاديانيين -مثلاً- الذين انتشروا في أوربا وأمريكا يدعون إلى الإسلام لكن هذا الإسلام الذين يدعون إليه ليس من الإسلام في شيء, لأنهم يقولون بمجيء أنبياء بعد خاتم الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام, فهؤلاء الأقوام -من الأوربيين والأمريكيين الذين دعوا إلى الإسلام القادياني, ولم تبلغهم دعوة الإسلام الحق-على قسمين:
قسم منهم على دين سابق وهم متمسكون به, فعلى ذلك تحمل آية {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
وقسم انحرف عن هذا الدين -كما هو شأن كثير من المسلمين اليوم -فالحجة قائمة عليهم.