مشروعية التوسل المختلف فيه، لأن-على قولهم-عبادة مشروعة، وأقل أحوال العبادة أن تكون مستحبة، والاستحباب حكم شرعي من الأحكام الخمسة التي لا تثبت إلا بنص صحيح تقوم به الحجة، فإذا الحديث عنده ضعيف، فلا حجة فيه البتة، وهذا بين لا يخفى إن شاء الله تعالى.
الحديث السابع: "توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم":
وبعضهم يرويه بلفظ: "إذا سألتم الله فاسألوه بجاهي، فإن جاهي
عند الله عظيم".
هذا باطل لا أصل له في شيء من كتب الحديث البتة، وإنما يرويه بعض الجهال بالسنة كما نبَّه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "القاعدة الجليلة" (ص132، 150) قال: (مع أن جاهه - صلى الله عليه وآله وسلم - عند الله أعظم من جاه جميع الأنبياء والمرسلين، ولكن جاه المخلوق عند الخالق ليس كجاه المخلوق عند المخلوق فإنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، والمخلوق يشفع عند المخلوق بغير إذنه، فهو شريك له في حصول المطلوب، والله تعالى لا شريك له كما قال سبحانه: {قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، وما لهم فيهما من شرك، وما له منهم من ظهير، ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له} (سبأ: 22 - 23).
فلا يلزم إذن من كون جاهه - صلى الله عليه وآله وسلم - عند ربه عظيماً، أن نتوسل به إلى الله تعالى لعدم ثبوت الأمر به عنه - صلى الله عليه وآله وسلم -، ويوضح ذلك أن الركوع والسجود من مظاهر التعظيم فيما اصطلح عليه الناس، فقد كانوا وما يزال بعضهم يقومون ويركعون ويسجدون لمليكهم ورئيسهم والمعظم لديهم، ومن المتفق عليه بين المسلمين أن محمداً - صلى الله عليه وآله وسلم - هو أعظم الناس لديهم، وأرفعهم عندهم. ترى فهل يجوز لهم أن