مخالفة هذا الحديث للقرآن:
ومما يؤيد ما ذهب إليه العلماء من وضع هذا الحديث وبطلانه أنه يخالف القرآن الكريم في موضعين منه:
الأول: أنه تضمن أن الله تعالى غفر لآدم بسبب توسله به - صلى الله عليه وسلم -، والله عز وجل يقول: {فتلقى آدم من ربه كلمات، فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم}.وقد جاء تفسير هذه الكلمات عن ترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما مما يخالف هذا الحديث، فأخرج الحاكم (3/ 545) عنه: {فتلقى آدم من ربه كلمات} قال: أي رب! ألم تخلقني بيدك؟
قال: بلى. قال: ألم تنفخ في من روحك؟ قال: بلى. قال: أي رب! ألم تسكنّي جنتك؟ قال: بلى. قال: ألم تسبق رحمتك غضبك؟ قال: بلى. قالت: أرأيت إن تبتُ وأصلحت، أراجعي أنت إلى الجنة؟ قال: بلى. قال: فهو قوله: {فتلقى آدم من ربه كلمات} وقال الحاكم: (صحيح الإسناد) ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
قلت: وقول ابن عباس هذا في حكم المرفوع من وجهين:
الأول: أنه أمر غيبي لا يقال من مجرد الرأي.
الثاني: أنه ورد في تفسير الآية، وما كان كذلك فهو في حكم المرفوع كما تقرر في محله، ولا سيما إذا كان من قول إمام المفسرين عبد الله بن عباس رضي الله عنهما الذي دعا له رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بقوله: " اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل".
وقد قيل في تفسير هذه الكلمات: إنها ما في الآية الأخرى {قالا: ربنا ظلمنا أنفسنا، وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}.وبهذا جزم السيد رشيد رضا في "تفسيره"