بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، لكثرة تدليسهم عن الضعفاء والمجاهيل كبقية بن الوليد" كما ذكره في المقدمة، فهذان النصان من الحافظ نفسه دليل على وهمه في تضعيفه كون عطية مدلساً في الجملة المذكورة آنفاً. فهذا وجه من وجوه التعارض بينها وبين عبارة "التقريب".وثمة وجه آخر وهو أنه في هذه الجملة لم يصفه بما هو جرح عنده-كما سبق عن "شرح النخبة"-وهو قوله في "التقريب": "يخطىء كثيراً" فهذا كله يدلنا على أن الحافظ رحمه الله تعالى لم يكن قد ساعده حفظه حين تخريجه لهذا الحديث، فوقع في هذا القصور الذي يشهد به كلامه المسطور في كتبه الأخرى، وهي أولى بالاعتماد عليها من كتابه "التخريج"، لأنه في تلك ينقل عن الأصول مباشرة، ويلخص منها بخلاف صنيعه في "التخريج".
ولما ذكرنا من حال العوفي ضعف الحديث غير واحد من الحفاظ كالمنذري في "الترغيب" والنووي وشيخ الإسلام ابن تيمية في "القاعدة الجليلة" وكذا البوصيري، فقال في "مصباح الزجاجة" (2/ 52): (هذا إسناد مسلسل بالضعفاء: عطية وفضيل بن مرزوق والفضل بن الموفق كلهم ضعفاء).وقال صديق خان في "نزل الأبرار" (ص71) بعد أن أشار لهذا الحديث وحديث بلال الآتي بعده: (وإسنادهم ضعيف، صرح بذلك النووي في"الأذكار").
الحديث الثاني:
وحديث بلال الذي أشار إليه صديق خان هو ما روي عنه أنه قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إذا خرج إلى الصلاة قال: بسم الله، آمنت بالله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله. اللهم بحق السائلين عليك، وبحق مخرجي هذا، فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً .. " الحديث أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة-