صحيح عند أهل المعرفة، ولم يخرج أرباب الصحيح شيئاً من ذلك، ولا أرباب السنن المعتمدة، كسنن أبي داود والنسائي ونحوهم، ولا أهل المسانيد التي من أهل هذا الجنس كمسند أحمد وغيره، ولا في موطأ مالك، ولا مسند الشافعي ونحو ذلك. ولا احتج إمام من أئمة المسلمين كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم بحديث فيه ذكر زيارة قبره، فكيف يكون في ذلك أحاديث صحيحة ولم يعرفها أحد من أئمة الدين ولا علماء الحديث؟ ومن أين لهذا وأمثاله أن تلك الأحاديث صحيحة وهو لا يعرف هذا الشأن؟
(الوجه الخامس) قوله: وغيرها بما لم يبلغ درجة الصحيح .. فنقول له لا نسلم أنه ورد من ذلك ما يجوز الاستدلال به، وهو لم يذكر إلا دعوى مجردة،
فتقابل بالمنع.
(الوجه السادس) أن يقال: ليس في هذا الباب ما يجوز الاستدلال به، بل كلها ضعيفة، كما بسط في مواضع، وذكرت هذه الأحاديث، وذكرت كلام الأئمة عليها حديثاً حديثاً، بل ولا أعرف عن أحد من الصحابة أنه تكلم بلفظ زيارة قبره - صلى الله عليه وآله وسلم - البتة، فلم يكن هذا اللفظ معروفاً عندهم، ولهذا كره مالك التكلم به (?) بخلاف لفظ (زيارة) مطلقاً، فإن هذا اللفظ معروف عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وعن أصحابه ... ).
أقول: فما الذي صرف الدكتور البوطي عن الاعتماد على هذا الكلام لشيخ الإسلام وهو أعلم من السبكي وغيره ممن يقلده البوطي بما لا يصح المفاضلة