غيرهما، بدليل ما ذكر في مواضع أخرى من القرآن: أن الجن والشياطين يدخلونها. وقوله: {وَلَنْ تَفْعَلُوا} جملة معترضة بين الشرط {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا} والجزاء {فَاتَّقُوا النَّارَ}، جاءت لتأكيد عجزهم عن معارضته؛ فإن في نفيها في المستقبل بإطلاق تأكيداً لنفيها في الحال. وفي هذه الجملة معجزة من نوع الإخبار بالغيب؛ إذ لم تقع المعارضة من أحد في أيام النبوة وفيما بعدها إلى هذا العصر.

{أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}:

{أُعِدَّتْ}: هيئت للكافرين الذين يخلدون فيها، أو أنهم خصوا بها - وإن كانت معدة للفاسقين أيضاً -؛ لأنه يريد بذلك ناراً مخصوصة لا يدخلها غيرهم، كما قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: 145].

ولما ذكر الكفار، وما يصيرون إليه من عذاب الحريق، عطف على ذلك ذكر المؤمنين، وما يفوزون به من نعيم في حياتهم الباقية؛ كما هي سنّة القرآن في الجمع بين الترغيب والترهيب، والوعد والوعيد، فقال تعالى:

{وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}:

البشارة: الخبر السار. والجنّات: جمع جنة، وهي البستان الذي سترت أشجاره أرضه، ثم صار اسماً شرعياً لدار النعيم في الآخرة. والأنهار: جمع نهر، وهو مجرى الماء. وأسند إليه الجري في الآية، والذي يجري في الحقيقة إنما هو الماء؛ أخذاً بفن معروف بين البلغاء، وهو إسناد الفعل

إلى مكانه؛ توسعاً في أساليب البيان. وقوله: {مِنْ تَحْتِهَا} وارد على طريق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015