خروج الثمرة، وهو القادر على أن ينشئها بلا سبب كما أنشأ الأسباب. وأورد {مَاءً} و {رِزْقًا} في صيغة التنكير التي تستعمل عند إرادة بعض أفراد المعنى الذي وضع له اللفظ لغة؛ لأن من الماء ما لم ينزل من السماء، ومن الرزق ما لا يكون من الثمرات، فمعنى الآية: أنزل من السماء بعض الماء، فأخرج به من الثمرات بعض ما يكون رزقاً لكم.
{فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا}:
الأنداد: جمع نِدّ، والندّ: المماثل، وإنما يقال على المماثل المخالف المناوئ.
ولما ترك المشركون عبادة الله إلى عبادة الأوثان، وسموها آلهة، وزعموا أنها تدفع عنهم بأس الله، وتمنحهم ما لم يرد بهم من خير، شابهت حالهم حال من يعتقد أنها آلهة مثله، قادرة على مخالفته ومضادته، وذلك معنى جعلها أنداداً، الذي هو مصب النهي في الآية.
{وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}:
أي: لا تعبدوا أوثانكم عبادة من يعتقد أنها أنداد لله، وأنتم تعلمون أنها أشياء لا يصح جعلها أنداداً له تعالى. أو المعنى: وأنتم من أهل العلم والنظر، فلو تأملتم أدنى تأمل، لاضطررتم إلى الإيمان بالإله الواحد المتعالي عن مشابهة المخلوقات حقَّ الإيمان. وفي هذه الجملة مبالغة في زجرهم عن عبادة الأوثان من دون الله؛ لأن ارتكاب الباطل من الجاهل قبيح، وهو من العالم ببطلانه أشد قبحاً، وأدعى إلى أن يقابل بأغلظ الإنكار.
بعد أن نبه للدليل القائم على وجود الخالق، وإبطال عقيدة الشرك، أورد الدليل القائم على صدق نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ومن آمن بالله، وبنبوة محمد