الصيّب وأبصارهم لو شاء الله ذلك، فيكون معنى قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ} إشعاراً بأن تأثير الأسباب في مسبباتها إنما يكون بإذنه تعالى.
وورود السمع في الآية مفرداً، مع أنه مضاف إلى جماعة، سائغ في نظم الكلام العربي؛ فإن اللفظ الذي يكون في الأصل مصدراً، ثم ينقل إلى غير المصدر، ويراد منه أفراد متعددة، قد يختار عند استعماله مراعاة أصله، فيؤتى به مفرداً؛ اعتماداً على القرينة الدالة على التعدد دلالة واضحة.
{إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}:
الشيء في أصل اللغة: كل ما يصح أن يعلم ويخبر عنه. ويحمل في هذه الآية على الممكن خاصة، موجوداً كان أو معدوماً؛ لأن القدرة إنما تتعلق بالممكنات دون الواجب والمستحيل. والقدير: الفعال لما يريد. وهذه الآية بمنزلة الاستدلال على ما تضمنته الآية السابقة من أن الله تعالى قادر على أن يذهب بأسماع أصحاب الصيّب وأبصارهم متى شاء.
وتطبيق هذا المثل على حال المنافقين: هو أن أصحاب الصيّب لضعفهم وخورهم لا يطيقون سماع الرعد الهائل، وفتح أعينهم في البرق اللامع، فيجعلون أصابعهم في آذانهم فزعاً من قصف الرعد، وخوفاً من صواعق تجلجل فوق رؤوسهم، فتدعهم حصيداً خامدين. وكذلك حال هؤلاء المنافقين؛ فإنهم - لضعف بصائرهم وعقولهم - تشتد عليهم زواجر القرآن ووعيده، وتهديده، وأوامره ونواهيه، فتشمئز قلوبهم، ويصرفون عنه أسماعهم، يخشون أن تتلى عليهم آيات تقع على أسماعهم وقع الصواعق الرائعة.
قال ابن القيم في "إعلام الموقعين": وقد شاهدنا نحن وغيرنا كثيراً