أيها الصديق الأعز! إن الشعر هو الكلام الموزون بحسب الحالة التي يورده المتكلم عليها، وجنابُكم خبيرٌ بأنَ النونَ في الآية مفتوحةٌ، وهكذا نقرؤها، شأن كلِّ نونٍ وقعت إثْرَ واو الجمع، وتغييره بالسكون إنما هو أمرٌ عارِضٌ من أجلِ الوقف. والأحوالُ العارضة في بعض الأحيان لا ينبني عليها حكمٌ مستمر؛ كالوصف بالشعرية. وهذا بخلاف البيت المستشهَد به، فإنه موزون بحسب الحال التي ورد عليها أولاً؛ لأن الشاعر نفسَه سكّن نونه لإقامة الوزن، ولو تلفظ بها محركة، لم يكن من الشعر في شيء، وإنْ سَكَّناها نحن في حال الوقف.
وتحرير مقصدنا: أن المعتبر في الحكم على التركيب بأنه شعر، إنما هو الحالة الأصلية، وهي ما ينسج عليه المتكلم هيئة كلامه.