ففي الكلام معان هي ما يقصد إيصالها إلى أذهان المخاطبين، وفيه ألفاظ هي بمنزلة الجسور تعبر عليها المعاني من نفوس الناطقين إلى نفوس السامعين، وإذا كانت الألفاظ بمنزلة الوسائل، كانت في الدرجة الثانية بالنظر إلى المعاني التي هي المقصود من نظم الكلام.
صرف البلغاء هممهم إلى المعاني، وأبدعوا في تصويرها، وأعني من المعاني: تلك الصور التي تبقى قائمة في نفوس السامعين بعد سماع خطبة أو قصيدة، ثم نظروا إلى الألفاظ، فإذا هي عند تركيبها كالأجسام تجول فيها الأرواح، أو البرود تتجلى فيها الأجسام، فأحسّوا أن الروح الزاكية يجمل