كنت أُسعفت فيما سلف من الزمان بإجراء سياحة في أطراف المملكة الجزائرية، وبقيت النفس مستشرفة إلى إعادتها تارة أخرى إلى مدينة الجزائر نفسها؛ لنكون على بينة من مقدار ما تبلغ إليه حالتها العلمية، وجلية من أمر أخلاق أهلها الغالبة، وعاداتها العامة؛ فإن لسان العيان أفصح من لسان البيان. وما برحت هذه الأمنية تتمثل في الخيال، وتجول في العقل، حتى مكنتنا الفرصة من توطيدها وإبرازها إلى حيز الوجود في شهر رمضان المعظم من هذه السنة.
ولما استقر بنا النوى من حيث ابتدأ، وصقل الإياب مرآة الصدور مما مسها به البعاد من الصدأ، قبضت قبضة من آثار سفرنا هذا، ونبذتها في صحائف هاته المجلة؛ عسى أن يعتبرها مطالعوها الكرام بمثابة فصل انتزعت شذوره من مجلد ضخم في أنباء الأمة الجزائرية من جهة معارفها وأخلاقها.
عقدت العزيمة على الظعن في الساعة الثامنة صباحاً من اليوم الخامس