كغيرهم من سائر المسلمين، بل قبل غيرهم من إخوانهم أفراد الأمة، ولذلك كان علماء الصحابة أسبق الناس إلى ساحات الجهاد، وأولهم استعداداً له، ومبادرة لإجابة دعوة الداعي إليه.
ولما استعر القتال باليمامة (?) وغيرها أيام فتنة الردة، كان علماء الصحابة، وحملة كتاب الله في طليعة المجاهدين والشهداء، ولذلك بادر الصحابة إلى جمع القرآن وكتابته؛ لئلا يضيع شيء منه مع حُفَّاظه من علماء الصحابة الذين كانوا أسرع من غيرهم إلى نيل مقام الشهادة في سبيل الله.
وما من حرب نشبت في صدر الإسلام إلا كان علماء الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان في طليعة المجاهدين، وأسماؤهم في السطور الأولى من قائمة الشهداء، ومواقفهم في ساحات القتال، وعلى الحدود، وفي الثغور معلومة مشهورة.
ولما فتح المسلمون صقلية (?) سنة 212 هـ، كان قائد أسطولها، والرئيس الأعلى لجيوش الفتح البرية والبحرية إماماً من أئمة الفقه، وقاضياً من قضاة الشرع، هو الإمام أسد بن الفرات تلميذ الإمام مالك بن أنس، والإمام محمد ابن الحسن صاحب أبي حنيفة، وطبقتهما، فهو الفاتح الأول لهذه الجزيرة الإيطالية المنيعة التي نعمت بسببه بالحكم الإسلامي الرحيم زمناً طويلاً، فكان