يقول المؤلف فيما سلف: "وإنما يكون الجهاد لتثبيت السلطان، وتوسيع الملك". وأخذ يقرر هذا المعنى، ويسوق في تقريره كل ما يملك من شبهة، ولم يزد هنالك على أن قال عقب البحث: "فذلك سر الجهاد عندهم".

وقال هاهنا: إن الجهاد وسيلة من الوسائل التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلجأ إليها تثبيتاً للدين، وتأييداً للدعوة، وبعد أن وصفه بأنه وسيلة عنيفة وقاسية، أتى بعبارة يتقرب بظاهرها إلى آراء أهل العلم، ويدس في لحن خطابها تشكيكا لقوم لا يتفكرون، فقال: وما يدريك؛ لعل الشر ضروري للخير في بعض الأحيان.

وهل من الذوق الملائم للإيمان، أن ينعت المسلم عملاً مشروعاً بأنه شر، ثم يقول على سبيل الاعتذار منه: وما يدريك؛ لعل الشرّ ضروري للخير في بعض الأحيان!!

ومن يأخذ قول المؤلف في (ص 52): "من أمثلة الشؤون الملكية التي ظهرت أيام النبي - صلى الله عليه وسلم -: مسألة الجهاد" إلى قوله هنا: "إن الجهاد من الوسائل التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلجأ إليها تثبيتاً للدعوة"، وضم إلى هذا قوله في (ص 71): "إن عمله السماوي لم يتجاوز حدود البلاع المجرد من كل معاني السلطان"، قام له شاهد عدل يناجيه بأن المؤلف يريد أن يضع في ذهن قارئ كتابه: أن جهاده - صلى الله عليه وسلم - من الأعمال التي ما أنزل الله بها من سلطان.

قال المؤلف في (ص. 8): "ترى من هذا: أنه ليس القرآن وحده الذي يمنعنا من اعتقاد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو مع رسالته الدينية إلى دولة سياسية. وليست السنّة هي وحدها التي تمنعنا من ذلك، ولكن مع الكتاب والسنّة حكم العقل، وما يقضي به معنى الرسالة وطبيعتها".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015