ظواهر وأسراراً، حتى استضاء لي من نجومها هدى، وتنفس لي من مشارقها صباح مبين، ثم قصدت إلى سيرة الخلفاء الراشدين، وقبضت من أثرها قبضة أضفت إليها قوادح أنظار هي في الحقيقة خادمة لها، ومساعدة على إبرازها في هيئة تشملها نظرة واحدة، وإليكم مساق حديثها:

لا يمتري أحد فيما تناجيه به حاسة وجدانه من الميل إلى هذه الحياة، والحرص على استطالة أمدها، ومن ها هنا اشتدت به الحاجة إلى السعي في مطالبها، والتعلق بأسبابها؛ من الغذاء والكساء والمسكن وما شاكلها، فيقتحم الإنسان المصاعب، ويعاني الشدائد في طلبها، ولا يثبطه عنها ما هو موضوع في طبيعته من الميل إلى الكسل والراحة.

وقد يجري على مخيلته اشتباه: هل الولوع بالحياة الدنيا يكون لذاتها وطبيعتها، أو للغايات التي يحرزها في مضمارها، والمآرب التي يتصيدها بحبالتها؟ فيدعوه هذا الالتباس إلى حركة فكرية، يستنتج من وراء تدافعها أن النفوس الناطقة إنما أولعت بحب هذه الحياة، وشغفت بلذة عيشها من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015