إلى موضع الحاجة.
ومن ذهب من الأئمة إلى جواز نقل الزكاة من بلد إلى آخر، يرى أن الضمير في قوله: "فقرائهم" يعود على من يدعوهم معاذ من أهل اليمن بصفتهم مسلمين، فكأنه يقول: يرد على فقراء المسلمين.
وظاهر هذا الحديث - حيث اقتصر على الفقراء -: أنه يجوز صرف زكاة أهل البلد إلى صنف من الأصناف الثمانية المشار إليها بقوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60] , وبهذا قال مالك، والقائلون بوجوب توزيعها على الأصناف الثمانية يتاولون هذا الحديث على أن الاقتصار على ذكر الفقراء روعي فيه الغالب؛ لأنهم أغلب جهة تصرف إليها الزكاة.
ثم قال: "فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم":
الكرائم: جمع كريمة، والمراد: نفائس الأموال من أي صنف كان.
نهاه عن أخذ خيار المال؛ لأنه إجحاف بحق أصحاب الأموال، إلا أن يعطوا الخيار من أنفسهم، وفي كتاب "الموطأ": أن عمر بن الخطاب مر بغنم من الصدقة، فرأى فيها شاة حافلاً (?) ذات ضرع عظيم، فقال عمر: ما هذه الشاة؟ فقالوا: شاة من الصدقة، فقال عمر: "ما أعطى هذه أهلها وهم طائعون، لا تفتنوا الناس، لا تأخذوا حزرات (?) المسلمين".