والترك الذي يدل على عدم الإذن هو ما يروى في لفظ صريح؛ كتركه - عليه الصلاة والسلام - الأذان والإقامة ليوم العيد، وتركه غسل شهداء أحد، والصلاة عليهم. ويلحق بهذا: تركه الذي لم ينقل بلفظ صريح، ولكنه يفهم من عدم نقلهم للفعل الذي شأنه أن تتوفر الدواعي على نقله لو وقع. فيصح لنها أن نقول: من السنّة ترك رفع الأصوات بالذكر أمام الجنازة، ويكفي في الاستشهاد على أن السنّة ترك هذا الرفع: عدم نقلهم لفعله، وهو من الأمور التي لو فعلت، لتوفرت الدواعي على نقلها.

وقد وردت أحاديث دلت على أن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا يتركون الأمر لمجرد ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - له؛ كما ورد أنه - عليه الصلاة والسلام - خلع نعله في صلاة، فخلعوا نعالهم حتى أخبرهم بعدُ بأنه عَلِمَ من طريق الوحي أن بالنعل نجاسة (?).

ومن شواهده: أنه كان - عليه الصلاة والسلام - اتخذ خاتماً من الذهب، فاتخذوا خواتيم من ذهب، ثم نبذه، وقال: "إني لن ألبسه أبدًا" بها، فنبذوا خواتيمهم (?).

ومن عرف مسابقة الصحابة - رضي الله عنهم - إلى الاقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى في ترك المكروه، لم يجد في أمثال هذا الحديث دليلاً كافيًا على أن تركه -عليه الصلاة والسلام - للشيء، يحمل على أشد مراتب النهي، وهو التحريم. وحرمة استعمال خاتم الذهب مأخوذة من الأحاديث الدالة على حرمة استعمال الذهب زينة للرجال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015