المؤيَّدة بالأحاديث الصحيحة الصريحة.
{ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ}:
البعث في أصل اللغة: تحريك الشيء عن سكون، ومنه: بعث فلان الناقة: إذا أثارها من مبركها، ويستعمل بمعنى الإيقاظ كما ورد في قصة أهل الكهف: {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ} [الكهف: 11 - 12]. وبمعنى الإحياء، وهو المراد في هذه الآية، بدليل قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ}. وأبْعدَ في التأويل من ذهب في تفسير بعث هؤلاء القوم إلى كثرة نسلهم بدعوى "أنه بعدما وقع فيهم الموت بالصاعقة وغيرها، وظُن أن سينقرضوا، بارك الله في نسلهم". ولا داعي - فيما نرى - إلى العدول عن ظاهر الآية ما دامت الإماتة والإحياء بيد الله، وقد أخبر أنه أحيا هؤلاء القوم بعد إماتتهم، ولا يوجد في معنى هذا الخبر ما يُخل بوجه من وجوه الحكمة.
{لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}:
حرف (لعلّ) هنا: ظاهر في معنى التعليل. والمعنى: أحييناكم بعد موتكم. لكي تشكروا الله على نعمه التي من جملتها رذُكم إلى الحياة بعد الموت، وكان إحياؤهم بعد هذا الموت نعمة تستوجب الشكر؛ من جهة أنهم يتمكنون به من الإيمان والعمل الصالح، وبذلك يدخلون في زمرة المفلحين.
وهؤلاء القوم - وإن قبضت أرواحهم، وأصبحوا في عدد الموتى - قد صحّ تكليفهم بعد إحيائهم في الدنيا؛ لأن موتتهم كانت بمنزلة النوم أو الإغماء، فلم يشاهدوا فيها شيئاً من أحوال الآخرة؛ بخلاف الذين يبعثون من قبورهم يوم الحساب، لا يصح تكليفهم بعد بعثهم بإيمان ولا عمل