أن ينشأ فيهم من يناوئ سلطانه، ويعمل لتقويض أركان عرشه، وقد وقع ما تخوف منه؛ إذ نهض موسى- عليه السلام - ببني إسرائيل، وسار بهم في طريق النجاة، فسقط عرشه، ومات غريقاً، ونُجي ببدنه ليكون لمن خلفه آية.
{وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ}:
البلاء في الأصل: الاختبار والامتحان، ويكون في الخير والشر. قال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: 35]. وقال تعالى: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الأعراف: 168]. فالله يبتلي الناس بالسراء ليشكروا، ويبتليهم بالضراء ليصبروا، أو ليقلعوا عما يتعرضون له من سخطه وأليم عقابه. والمتبادر من نظم الآية أن المشار إليه بقوله: {وَفِي ذَلِكُمْ} هو سوء العذاب الذي كان فرعون يسومهم إياه. ونسبة البلاء إلى الله إذ قال: {مِنْ رَبِّكُمْ} من جهة أنه سلط عليهم آل فرعون. ووصف البلاء بالعظم، فقال: {عَظِيمٌ}؛ لأن تذبيح الأبناء واستحياء البنات من أعظم البلاء الذي ينزل بالأمة على أيدي أعدائها.
{وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ}:
الفَرْق: الفصل بين الشيئين، يقال: فرق كذا؛ أي: فصل بعضه عن بعض.
و {الْبَحْرَ}: الماء الكثير مجتمعاً بمكان، ملحاً كان أم عذباً. والواقعة تقتضي أنه بحر يصل مصر بالأرض المقدسة. وقال المفسرون: هو بحر القلزم "البحر الأحمر".
وقد انفلق البحر عند انتقال موسى - عليه السلام - ببني إسرائيل إلى