تلقي أوامره ونواهيه بحسن الطاعة. وبهذا صح تفسير تقوى الله بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه. وتقديم الضمير (إياي) على الفعل (اتقون) يفيد العناية والاهتمام بأن يتقى عقابه.

ومن امتلأ قلبه بالخوف من الله، ودأب على الحذر من عقابه، برأه الله من أن يأتي جوراً، أو يعمل سوءاً، حذراً من أن يناله مخلوق بمكروه.

{وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ}

نهى بني إسرائيل فيما سلف عن أن يكونوا كفاراً ضالين، ونهاهم في هذه الآية عن أن يعملوا لإضلال غيرهم.

ولدعاة الضلالة في إغواء الناس طريقتان: طريقة لبس الحق بالباطل، وهي المشار إليها بقوله تعالى: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ}، وطريقة جحد الحق وإخفائه، وهي المشار إليها بقوله تعالى: {وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ}.

ولبس الحق الباطل: خلطه به. وقد كانت تلك الطائفة تتصرف في بعض نصوص كتابهم بالتأويل الباطل اتباعاً للهوى. وهذا خلط للنص الذي هو حق بالباطل الذي هو التأويل الفاسد، وكان فيهم منافقون يجمعون بين الحق والباطل، فيقولون الحق بألسنتهم، ويبطنون الكفر في أنفسهم، وكان فيهم من يلقي حول الحق الظاهر شبهاً؛ ليوقع ضعفاء الإيمان في حيرة وتردد.

أما كتم الحق: فجحوده وإنكاره. ومن هذا الباب: حذف بعض النصوص التي تنطق بما لا يوافق أهواءهم.

{وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}:

يعدّ في كبائر المعاصي: خلط الحق بالباطل، أو جحود الحق. ويكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015