لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة (?)

هذه الآية الكريمة من جوامع الكلم التي تحمل تحت ألفاظها القليلة معاني جميلة غزيرة؛ فقد أرشدت إلى الاقتداء برسول الله - صلوات الله وسلامه عليه -، وأومات إلى أنه أقوم الخليفة منهجاً، وأشرفهم حالاً، وأطيبهم كلماً، وأفضلهم أعمالاً.

وإذا نظرنا إلى ما كان عليه من صفات الشرف وأفعال الحمد، وجدناها على قسمين: قسم لا يدخل في الأمر بالاقتداء به فيه، إما لكونه غير داخل في اختيار الإنسان، وإنما هو موهبة من الخالق -جلَّ شأنه-؛ كجمال طلعته، وشرف نسبه، ويراعة بيانه، وإما لكونه معدوداً في خصائصه؛ كجمعه بين تسع زوجات، وإما لكونه عائداً إلى أمر الجبلَّة أو العادة، ولم يظهر فيه معنى التشريع؛ نحو: جلوسه، أو وقوفه في بعض الأمكنة، وتناوله لبعض المطعومات، وامتناعه من تناول بعضها؛ كما امتنع من أكل الضب، وقال: "ليس بحرام، ولكن لم يكن بأرض قومي، فأجدني أعافه". ففعْله - عليه الصلاة والسلام - لما كان من هذا القبيل - وإن دل على الإباحة - لا يدخل فيما يطلب التأسي فيه، ولا يتناوله قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015