ابن دريد في كتاب "المجتبى" باباً للألفاظ التي سمعت من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم تسمع من أحد قبله.

وبالنظر في أحاديثه - عليه الصلاة والسلام - تجده ينحو في كلامه وخطبه ومراسلاته نحو الإيجاز، فهو الغالب في أقواله، وربما خطب فأطنب.

قال أبو سعيد الخدري: خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد العصر خطبة قال فيها: "ألا إن الدنيا خضرة حلوة، ألا وإن الله مستخلفكم فيها، فناظر كيف تعملون" قال: ولم يزل يخطب حتى لم يبق من الشمس إلا حمرة على أطراف السعف (?).

ومن متعمات الفصاحة: أن لا يعجل الرجل بالكلام، بل يلقي الكلمات مفصلة حتى تقع في الذهن كأنها عقد جيد تنسيقه، وكان - صلى الله عليه وسلم - يلقي الكلام مفصلاً، قالت عائشة - رضي الله عنها -: ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسرد سردكم هذا، ولكن كان إذا تكلم بكلام، بيَّنه، فيحفظه من يجلس إليه.

وقالت أم معبد تصف حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: حلو المنطق؛ كأن منطقه خرزات نُظِمن.

سمت بلاغة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الذروة، ولكنها لم تبلغ حد الإعجاز الذي هو خاص بالقرآن المجيد، والفرق بين بلاغة الحديث وبلاغة القرآن لا يخفى على ذوي الفطر السليمة، لا سيما الذين دربوا فنون البلاغة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015