{إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}:
{الْعَلِيمُ}: الكثير العلم. والحكيم: ذو الحكمة. والحكمة تستعمل بمعنى: العلم، وتستعمل بمعنى: إتقان الفعل. وحمل الحكيم على هذا المعنى أولى من حمله على معنى العالم، حتى يفيد معنى زائداً على ما أفاده قوله: {الْعَلِيمُ}
وقدم الوصف بالعلم على الوصف بالحكمة؛ ليكون وصفه بالعلم متصلاً بنفيهم العلم عن أنفسهم في قولهم: {لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا}
ولما اعترف الملائكة بالعجز عن معرفة ما سئلوا عنه، ونفوا عن أنفسهم العلم بأبلغ عبارة، وجه الله الخطاب إلى آدم-عليه السلام- يأمره بأن يخبر الملائكة بالأسماء التي سئلوا عنها، ولم يكونوا على علم بها، فقال تعالى:
{قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ}:
أذن الله لآدم أن يعلم الملائكة بالأسماء التي فاتتهم معرفتها؛ ليظهر لهم فضل آدم، ويزدادوا اطمئناناً إلى أن إسناد الخلافة إليه تدبير قائم على حكمة بالغة.
وعلمُ الغيب يختص به واجب الوجود - جلّ شأنه -؛ لأنه هو الذي يعلم المغيبات بذاته، وأما العلم بشيء من المغيبات الحاصل من تعليم الله، فلا يقال لصاحبه: إنه يعلم الغيب.
وقوله تعالى: {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ... إلخ الآية: استحضار لمعنى قوله تعالى قبل هذا: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}، وإعادة