هذه الحقائقُ الطبيّةُ تنطبقُ مع القرآنِ الكريمِ انطباقاً عجيباً، ففي اليومِ السادسِ والعشرينَ بعد المئةِ ينبضُ قلبُ الجنينِ، ومع نبضِ قلبِه يتحرّكُ، وتدخلُ المرأةُ مرحلةً ثالثةً، وهي مرحلةُ اليقينِ.
يقول الله تعالى في كتابه العزيز: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ} [الزمر: 6] .
لقد فسَّرَ العلماءُ هذه الظلماتِ تفسيراتٍ متباينةً، منهم مَن قالَ: "إنها ظلمةُ البطنِ، وظلمةُ الرحمِ، وظلمةُ الأغشيةِ التي تحيطُ بالجنينِ"، وقالَ بعضُهم: "إنّ الجنينَ مُحَاطٌ بأغشيةٍ ثلاثةٍ، وربما كان هذا من إعجازِ القرآنِ العلميِّ.
نقفُ وقفةً عند غشاءٍ واحدٍ؛ هو الغشاءُ الأمنيوسي، هذا الغشاءُ هو الغشاءُ الباطنُ الذي من جهةِ الجنينِ، يحيطُ بهِ مِن كلِّ جانبٍ إحاطةً كاملةً، وهو كيسٌ غشائيٌّ رقيقٌ ومقفلٌ، وفي هذا الغشاءِ المقفلِ سائلٌ يزدادُ مع نموِّ الجنينِ اسمُه السائلُ الأمنيوسي، يصلُ إلى لترٍ ونصفٍ في الشهرِ السابعِ، ثم يعودُ إلى لتر قُبيل الولادةِ.
مِن منا يصدِّقُ أنه لولا هذا السائلُ لَمَا نَجا جنينٌ من موتٍ محقَّقٍ؟
أولاً: إنّ هذا السائلَ يغذِّي الجنينَ، ففيه موادُّ زُلاليةٌ، وموادُّ سكريةٌ، وأملاحٌ غيرُ عضويةٍ.
ثانياً: هذا السائلُ يحمي الجنينَ من الصدماتِ، وقد طبقتْ هذا المبدأَ مركباتُ الفضاءِ، حيثُ إنّ كبسولةَ الروادِ كان بينها وبينَ جسمِ المركبةِ سائلٌ من أجلِ امتصاصِ الصدماتِ، فحينما تأتي الجنينَ صدمةٌ من هذه الجهةِ، قوّتُها 4 كيلو غرامات على سنتمتر مربّع مثلاً فإنّ السائلَ يوزِّعُ هذه القوةَ على كلِّ السطحِ، فيصبحُ هذا الضغطُ نصفَ ميليمترٍ، وإنّ أحْدَثَ طريقةٍ لامتصاصِ الصدماتِ أن يكونَ بين الشيءِ الذي تخافُ عليه، والمحيطِ الخارجيِّ سائلٌ.