شيءٌ آخرُ، ترسلُ الغدةُ النخاميةُ هرموناً إلى الغدةِ الدرقيةِ، والغدةُ الدرقيةُ تقومُ بمهمةٍ معقدةٍ صعبةٍ، ألا وهي الاستقلابُ، وهو تحويلُ الغذاءِ إلى طاقةٍ، فالغدةُ النخاميةُ ترسلُ أمراً هرمونياً إلى الغدةِ الدرقيةِ كي تزيدَ مِن الاستقلابِ، أي مِن حرقِ الموادِ الغذائيةِ، وينتجُ عنها حرارةٌ تجولُ في البدن، لو فَحَصْنا الهرموناتِ في الدمِ لوجَدْنَا نسبتَها مرتفعةً، ولا سيما التي تصدرُ عن الغدةِ النخاميةِ، والتي تأمرُ الغدةَ الدرقيةَ برفعِ مستوى الاحتراقِ في الجسمِ.

شيءٌ آخرُ، يواجهُ الإنسانُ البردَ بآليةٍ أُخرى، فهناك في رأسِ الإنسانِ ما يزيدُ على مئتين وخمسين ألفَ شعرةٍ، تزيدُ أو تنقصُ، لكلِّ شعرةٍ: وريدٌ، وشريانٌ، وعصبٌ، وعضلةٌ، وغدةٌ دهنيةٌ، وغدةٌ صبغيةٌ، فإذا بَرَدَ الإنسانُ يأتي أمرٌ إلى الأشعارِ فتنتصبُ، وإذا انتصبتْ حَجَزَتْ كميةً من الهواءِ الساخنِ أكثرَ مِن ذي قبلُ.

هذا ما تفعلُه العضويةُ دونَ أن تدريَ أيّها الإنسانُ، دونَ أنْ تدريَ تضيقُ الشرايينُ، دونمَ أن تدريَ تتحرَّكُ الغدةُ النخاميةُ لتواجهَ البَرْدَ، دونَ أنْ تدريَ ترفعُ الغدةُ الدرقيةُ مستوى الاستقلابِ، دونَ أن تدريَ تزيدُ كميَّاتُ السكرِ في الدمِ، فترتجفُ، وتنتصبُ أشعارُك، مِن أجل أن تواجهَ البردَ، فتباركَ اللهُ أحسنُ الخالقين.

بصمات الإنسان سجل وهوية وتوقيع

لو أنّ تَوْأَمَيْنِ تَخَلَّقا من بيضةٍ واحدةٍ، (هناك توأمان يتخلَّقان مِن بيضتين، وهناك توأمان يتخلَّقان من بيضةٍ واحدةٍ) ، فلو أنّ توأمين تخلَّقا مِن بيضةٍ واحدةٍ، فإنّ بصمةَ الأولِ تختلفُ عن بصمةِ الثاني، إنَّ اللهَ سبحانه وتعالى يشيرُ في كتابِه العزيز إلى هذه الحقيقةِ فيقول: {أَيَحْسَبُ الإنسان أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ * بلى قَادِرِينَ على أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ} [القيامة: 3-4] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015